إن اضطراب ما بعد الصدمة PTSD أكثر الأمراض العقلية شيوعًا حول العالم، ومن الضروري جدًا فهم طبيعة هذا الاضطراب وما هو السبب الرئيسي له، وتقديم الدعم الكافي لمن يعاني منه، لذلك عزيزي في هذا المقال سنتعمق جيدًا في اضطراب ما بعد الصدمه والأسباب ونصائح حول كيفية التعامل معه.
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟
يحدث اضطراب مابعد الصدمه نتيجة التعرض لحدث كبير مؤلم يمكن أن تكون قد رأيته أو واجهته بنفسك، فتظهر لديك مجموعة من الأعراض لا يمكن السيطرة عليها.
يمكن أن يؤثر الحدث الصادم على حالة الشخص النفسية أو الجسدية، كما قد يهدد حياته بالخطر، وتستمر أعراضه سواء كانت مشاعر أو أفكار لفترات طويلة.
اعراض اضطراب ما بعد الصدمة
يمكن أن يتطور كرب ما بعد الصدمة بعد التعرض لحادث ما، فتختلف الأعراض بناءًا على شدتها ومدتها من شخص لآخر، إليك أنواع اضطراب مابعد الصدمة:
الأعراض الاقتحامية
إن الأعراض الاقتحامية أو كما يطلق عليها البعض باسم الذكريات الملحة هي أكثر الأعراض شيوعًا لاضطراب مابعد الصدمة وتشمل:
- تكرار ذكريات مؤلمة نفسيًا عن الحدث وغير مرغوب بها.
- استعادة تفاصيل الحادث بالتفصيل وكأنه يحدث للمرة الثانية.
- التعرض لكوابيس مزعجة جدًا عن الحدث.
- ظهور رد فعل جسدي مفاجئ تجاه فعل أو شئ يذكرك بالحادث.
- الانفعال الحاد والتوتر المستمر.
أعراض التجنب (التفكير السلبي)
تجنب التفكير أو تذكر ما حدث هو أحد الأعراض الرئيسية لاضطراب مابعد الصدمة كما يطلق عليه وعند بعض الأشخاص يمكن تشخيصها كفقدان ذاكرة تفارقي أو انفصالي بجانب أعراض أخرى:
- تجنب التحدث عن تلك التجربة أو تجنب الأماكن المرتبطة بالحادث.
- محاولة إخراج أي ذكريات متعلقة بالحدث من الذهن.
- انصراف التفكير في الحدث بالانخراط في العمل أو بعض الهوايات.
- محاولة تخدير المشاعر.
- انعزال الشخص وانسحابه من أي تجمعات تضم أشخاص أخرين.
- التوقف عن ممارسة بعض الأنشطة.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة العاطفية
في هذا النوع من أنواع اضطراب ما بعد الصدمة المعقد يمكن أن يشعر المصاب بما يلي:
- الذعر فور استرجاع ذكريات الحدث.
- سرعة الغضب والانزعاج.
- صعوبة التركيز في جميع المهام اليومية.
- سلوك عدواني.
- الذعر بسهولة.
- اللجوء لسلوكيات مدمرة مثل الإفراط في شرب الكحول.
التغيرات المزاجية السلبية
تشمل أعراض التغيرات المزاجية والتفكير السلبي ما يلي:
- الإحباط بشأن المستقبل.
- أفكار سلبية متعلقة بالأخرين أو ما يدور في العالم.
- عدم القدرة على الاحتفاظ بالعلاقات الاجتماعية.
- الشعور بعدم الانتماء للعائلة أو الأصدقاء.
- عدم القدرة على الشعور الإيجابي.
- الإصابة بتبلد عاطفي.
- فقدان الشغف تجاه بعض الأنشطة.
اعراض اضطراب ما بعد الصدمة الجسدية
قد يتضمن اضطراب مابعد الصدمة بعض الأعراض الجسدية، وفي الغالب ترتبط تلك الأعراض بالاستجابة الجسدية للضغط النفسي:
- اضطرابات النوم وقد تتفاقم إلى قصر مدة النوم.
- فرط اليقظة.
- آلام العضلات والتوتر.
- الإصابة بآلام مزمنة.
- ضيق التنفس عند النوم.
- تزايد الحساسية مسببة عدم راحة الجسد.
ما هي اسباب اضطراب ما بعد الصدمة؟
أنك تتعرض لحادث ما لا يعني أنك بالضرورة ستتعرض لاضطراب مابعد الصدمة، حيث توجد عدة عوامل قد تكون موجودة بالفعل قبل الحدث لديك لكنها تظهر أثناء أو بعد الحادث.
تشمل أسباب وعوامل الخطر باضطراب مابعد الصدمة ما يلي:
- التعرض لتجربة سابقة مؤلمة خاصة في مرحلة الطفولة.
- رؤية أناس يتألمون، أو تعرضك لأذي.
- الإحساس بالعجز تجاه موقف ما أو الرعب.
- الشعور بوجود دعم اجتماعي ضئيل من حولك.
- تجاهل الضغوطات حيال حدث مثل فقدان شخص عزيز عليك.
- ثبوت تاريخ عائلي بالأمراض العقلية.
- التعرض لمعاملة سيئة في الطفل أو العنف المنزلي.
- مواجهة الاعتداء الجنسي.
وجب الإشارة إلى أن التدخل في الوقت المناسب وتقديم الدعم الكامل لمن مر بتجربة أو حادث مؤلم، يقلل من خطر الإصابة باضطراب مابعد الصدمة بلا شك.
يُنصح أيضًا بطلب المساعدة من أخصائي الصحة العقلية وهي خطورة بالغة الأهمية للتشخيص والعلاج.
معايير تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة
يتم تشخيص اضطراب مابعد الصدمة PTSD بناءًا على مجموعة من المعايير الواضحة والمحددة، ومن المرجح أن يقوم طبيبك بما يلي:
- تقييم نفسي شامل للمناقشة حول الأعراض أو العلامات أو الأسباب التي أدت لظهور هذا الاضطراب.
- استخدام مقياس اضطراب مابعد الصدمة المستخدمة بواسطة الخبراء في جمعية الطب النفسي الأمريكية.
- الخضوع لفحص بدني للعثور على مشكلات طبية أو نفسية قد تكون السبب في تلك الأعراض.
كيف يمكن علاج اضطراب ما بعد الصدمة؟
الخضوع لبرنامج علاجي لاضطراب ما بعد الصدمة سيمنحك القدرة على إعادة التحكم في حياتك، يمكن أن يشمل هذا البرنامج العلاج الدوائي أو العلاج النفسي أو العلاج السلوكي المعرفي.
يمكن الجمع بين طرق علاج اضطراب مابعد الصدمة المختلفة لتحسين الأعراض عن طريق:
- تعلم كيفية التعامل مع الأعراض.
- تغيير نظرتك لذاتك وللآخرين وللمستقبل.
- علاج مشاكل أخرى مثل القلق أو الاكتئاب.
العلاج النفسي
استراتيجية العلاج النفسي تتضمن عدة أنواع سواء للأطفال أو البالغين، تشمل الأنواع الأكثر شيوعًا كل ما يلي:
العلاج المعرفي السلوكي
العلاج المعرفي أكثر أنواع العلاج النفسي الموصى به لاضطراب مابعد الصدمة، لأنه يساعدك على معرفة أنماط التفكير والسلوكيات السلبية.
إزالة تحسس حركة العين ومعالجتها مرة أخرى (EMDR)
يرتكز هذا النوع من العلاج على الصدمة ومحاولة معالجة الذكري المتعلقة بها، بهدف تغيير كيفية التفاعل مع تلك الذكري لتصبح المشاعر أو الأفكار أقل سلبية بمرور الوقت.
العلاج بالتعرض
يتم علاج ما بعد الصدمة النفسية أيضًا بمواجهة الذكريات أو الحدث مرة أخرى ولكن بطريقة أمنة لمحاولة التكيف معها، وفي الغالب تُستخدم بعض برامج الواقع الافتراضية لمواجهة تلك المواقف.
العلاج الأسري
لا بأس من مشاركة الأسرة في العلاج، فقد يوطد هذا الأمر العلاقة بين كل أفراد الأسرة ويحسن طرق التواصل بينهم لمواجهة أي حادث صعب فيما بعد.
العلاج الجماعي
يمنحك العلاج الجماعي تجربة للتواصل مع أخرين سبق لهم التعرض بنفس الحادث، ومشاركة التجارب واكتساب بعض الخبرات منهم لتطوير مهارات التكيف لديك.
العلاج بالأدوية
بجانب العلاج النفسي تُساعد أنواع معينة من الأدوية في علاج أعراض ما بعد الصدمة PTSD وتشمل تلك الأدوية:
- الأدوية المضادة للقلق.
- مضادات الاكتئاب مثل باكسيل وزولوفت.
- أدوية البرازوسين للحد من الكوابيس خلال النوم.
نمط الحياة والمساعدة الذاتية
محاولة الحفاظ على نظام غذائي متوازن وأداء التمارين الرياضية بالإضافة للحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، يساعد على إدارة الأعراض العاطفية والجسدية لما بعد الصدمة بالإضافة إلى:
- الاستعانة بتمارين الاسترخاء والتنفس بعمق للحد من التوتر.
- التعرض تدريجيًا لمواقف تتجنب تذكرها تحت إشراف المعالج النفسي لمواجهة مخاوفك.
- الانضمام لمجموعات دعم لتوفير نصائح حول ما تشعر به.
- استخدام بعض العلاجات التكميلية مثل اليوغا، الوخز بالإبر، التأمل.
اضطراب ما بعد الصدمة يحدث نتيجة التعرض لحدث كبير صادم يكون من الصعب استيعابه لدى بعض الأشخاص، لذلك من الضروري طلب المساعدة والدعم سواء من أخصائص نفسي أو من الأسرة بهدف علاج الأعراض الناجمة عنه كيلا تشتد بمرور الوقت وتؤثر سلبًا على حياة الشخص.
